جريدة الاستثمار العربى الان السوق يأتى اليك اقتصادية متخصصة
رئيس التحرير وليد عبد العظيم

محمود العربي.. «فخر الموسكي» الذي غيرت حياته زيارة لليابان وشكره السيسي مرتين

 

محمود العربي.. الإنسان ورجل الأعمال، استطاع حفر اسمه وسط أشهر مليارديرات مصر ولكن بشكل مختلف، فهو جمع بين التواضع والغنى وحب الناس واسترضاء الله في معادلة صعبة، وكانت وفاته أكبر دليل على قيمته وسط الفقراء وكبار رجال الاقتصاد على حد سواء.

وفاة محمود العربي

في مشهد مهيب، أعادت جنازة رجل الأعمال المحبوب إلى الأذهان وداع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والشيخ الشعراوي وغيرها من الشخصيات المعروفة التي سجلت حضورًا كثيفًا أثناء تشييع جثمانهم في صورة رائعة أشبه بثورة شعب منها إلى جنازة.

توفي الحاج محمود العربي في وقت متأخر من يوم الخميس الماضي، وقد قضى عمرًا يناهز 89 عامًا قدم خلاله نموذجًا فريدًا لرجل الأعمال العصامي المكافح الذي ترك خلفه أسطولاً تجاريًا هو الأشهر في الشرق الأوسط، مجموعة العربي وتوكيلاتها اليابانية والمشهورة.

شكره السيسي مرتين

حظي العربي خلال حياته بإعجاب الجميع، حتى أن الرئيس عبد الفتاح السيسي وصفه خلال افتتاح مشروعات قومية في بني سويف، يناير الماضي، بـ«الرجل العظيم»، وقال تعليقًا على كلمة نجله «إبراهيم العربي»: «بلغ تحياتي واحترامي الشديد للحاج محمود، هذا الرجل عظيم.. ربنا يديه الصحة ويوفقكوا إن شاء الله»، في إشارة إلى المشروعات التي أعلنت عنها الشركة في المنطقة الصناعية بمحافظة بني سويف.

أما المرة الثانية، فكانت خلال افتتاح الرئيس لبعض المشروعات في محافظة المنوفية، ومنها مدرسة العربي للتكنولوجيا التطبيقية، حيث قال عنه السيسي: «نشكر رجال الأعمال كلهم، والحاج محمود العربي، له تجربة وجهد رائع هما بيعملوه في التعليم الفني، وإحنا معاهم فيه وبنشكرهم عليه، لأنه بالطريقة دي نقدر نقدم تعليم فني بالتجربة، حيث يكون الطالب موجودًا بجوار المصانع ويتدرب فيها، ما وده يطلع نماذج قدوة للآخرين، واسمحولي نحيي الحاج محمود العربي، والمهندس إبراهيم، وكل رجال الأعمال اللي داخلين في الموضوع ده».

ومدرسة العربي هي مدرسة فنية تجمع بين التعليم والتدريب، بالتعاون مع دولة اليابان.

 

زيارته لليابان غيرت حياته

في عام 1975 زار العربي اليابان، ورأى مصانع شركة توشيبا التي حصل على توكيلها، فطلب منهم إنشاء مصنع في مصر، وكان لديه أرض في طريق مصر-إسكندرية الزراعي، زارها خبراء من اليابان وأقروا بصلاحيتها.

تم إنشاء أول مصنع للشركة في مصر وقتها، وفي 1982 تم بناء مجمع صناعي في بنها.

وعلى مدار العقود التالية، زادت شراكاته مع شركات يابانية مصنعة للأجهزة الإلكترونية وغيرها، ليصبح وكيلاً لعلاماتها التجارية مثل سوني، سيكو، إن إي سي، وهيتاشي.

 

مبيعات مجموعة العربي

وفي الوقت الحالي، وصلت مبيعات “مجموعة العربي” أكثر من 400 منتج في 22 دولة، وتتكون شبكة التوزيع والخدمات للمجموعة، من أكثر من 2800 مركز بيع وأكثر من 180 مركز لخدمات ما بعد البيع.

أرفع وسام ياباني

حصل الحاج محمود العربي على أرفع وسام ياباني، وهو (وسام الشمس المشرقة)، من الإمبراطور الياباني أكيهيتو في مايو 2009، تقديراً لدوره في دعم وتحسين العلاقات الاقتصادية المصرية اليابانية، وقد قام بتسليمه الوسام هيروفومي ناكاسوني.

 

العربي.. فخر الموسكي والمنوفية

والعربي من مواليد عام 1932 بقرية أبو رقبة مركز أشمون بمحافظة المنوفية، وكان والده مزارعًا مستأجرا يزرع أرضًا ليست ملكه.

ذهب العربي إلى “الكُتَّاب” وهو في سن ثلاث سنوات فتعلم القرآن، ولم يلتحق بالتعليم بسبب ظروف والده الاقتصادية، وقد بدأ كبائع في متجر حيث ظهر لديه ميل للتجارة منذ صغره.

كان وهو طفل صغير، يبيع لعب الأطفال على مصطبة بيتهم بالقرية في العيد، ويدخر الأصل والمكسب، يعطيه لأخيه غير الشقيق فيشتري له غيرها.

Ads

بداية عمله في الموسكي

ولما وجد فيه الأخ هذه الموهبة اصطحبه للقاهرة حيث عمل بالموسكي بائعا من محل لمحل، ثم اشترى وشريك له محلا بالموسكي، وبدأ التحول من عامل لصاحب عمل، ولم ينس الرجل حق الشريك ولاحق الفقير، فكان في ماله حق معلوم للسائل والمحروم.

وبدأت علاقة رجل الأعمال المصري محمود العربي بالصناعة بإنشاء مصنع صغير للألوان والأحبار، ثم قام بتحويل مجال عمله إلى تجارة الأدوات المكتبية.

ولكن الحكومة قررت في الستينات صرف المستلزمات المدرسية للتلاميذ بالمجان، وهو ما يعني أن تجارة العربي لم يعد لها وجود، فاستعاض عنها بتجارة الأجهزة الكهربية، خاصة أجهزة التليفزيون و الراديو والكاسيت.

 

التحول للتجارة في الأجهزة الكهربائية

وحول رجل الأعمال المصري محمود العربي، تجارته بالكامل إلى الأجهزة الكهربائية، في منتصف السبعينات مع انطلاق سياسة “الانفتاح الاقتصادي”، وفكر في الحصول على توكيل لإحدى الشركات العالمية.

لكن وجود الأدوات المكتبية في محلاته كان يقف حائلا دون ذلك، إلى أن تعرف على أحد اليابانيين الدارسين “بالجامعة الأمريكية” بالقاهرة، وكان دائم التردد على محلاته، وكان هذا الشخص الياباني يعمل لدى شركة “توشيبا” اليابانية، فكتب تقريرا لشركته، أكد فيه أن العربي هو أصلح من يمثل توشيبا في مصر، فوافقت الشركة على منحه التوكيل.

توكيلات يابانية

حصل العربي على توكيل كبرى الشركات اليابانية وحلم بأن يتحول من رجل تجارة لرجل صناعة، وهمه أن يفتح أكبر قدر من البيوت بزيادة عدد العاملين معه وانتقل النشاط لأماكن أخرى غير الموسكي، ليمتد لجزيرة بدران بشبرا وبورسعيد، وتبنى المصانع في بنها ثم تتوسع، لتحتل الجزء الأكبر من المنطقة الصناعية بقويسنا بالمنوفية.

وتدور العجلة ومع نفس الخط الصناعي التجاري يسير الخط الخيري، ويعاون الرجل نخبة من أهل الثقة وأهل الخبرة، يتقدمهم أخيه الحاج محمد العربي وكوكبة من الرجال المخلصين للشركة.

 

أقواله عن طفولته وميوله

وعن فترة طفولته كان يقول العربي: “كنت أوفر مبلغ 30 أو 40 قرشا سنويا أعطيها لأخي لكي يأتي لي ببضاعة من القاهرة قبل عيد الفطر، وكانت هذه البضاعة عبارة عن ألعاب نارية وبالونات، وكنت افترشها على “المصطبة” أمام منزلنا لبيعها لأقراني وأكسب فيها حوالي 15 قرشا، وبعد ذلك أعطى كل ما جمعته لأخي ليأتي لي ببضاعة مشابهة في عيد الأضحى.

وأضاف رجل الأعمال المصري محمود العربي: بقيت على هذا المنوال حتى بلغت العاشرة، وسافرت إلى القاهرة للعمل بمصنع روائح وعطور، وكان ذلك في عام 1942، وعملت به لمدة شهر واحد وتركته لأني لا أحب الأماكن المغلقة والعمل الروتيني

 

وعن ابتعاد عن السياسة قال: “أنا في الأصل تاجر ودخلت الصناعة من باب التجارة الذي أفهم فيه، وفى الثمانينات، طلب مني محافظ القاهرة آنذاك أن أرشح نفسي لمجلس الشعب، وألح في الطلب، ولكني رفضت رفضا قاطعاً، ثم طلب مني المحافظ التالي، وبعد طول إلحاح منه، وافقت ودخلت البرلمان لدورة واحدة، لكنني أرى أن عضوية مجلس الشعب، كانت مضيعة للوقت بالنسبة لي، وكان مصنعي ومتجري أولى بي، فللسياسة رجالها وأنا لست منهم”.

 

عن بداية عمله في التجارة قال: “لما فتحت أول محل ليا، فتحته شركة مع اتنين .. واحد منهم اشتغل معانا يومين و تعب، فضلت حافظ حقه و بوصله لحد البيت، لدرجة ان شريكي التاني زعل، و قالي ازاي ياخد فلوس من غير ما يشتغل؟، قلت له يعني هو بمزاجه؟ ده مريض، و بيصرف اللي وراه و اللي قدامه ع العلاج، و فضلنا كده لحد ما توفى بعدها بسنتين”.  

 

شركاء محمود العربي

وأكمل: شريكي التاني صفى و مشي، انما الورثة كملوا بنفس نسبة ابوهم، حتى لما الشركة كبرت حافظت على نسبة ليهم فيها، و راعيتهم و ربيتهم هما الاربعة زي عيالي بالضبط، كانوا 4 شباب.. عيل منهم بقى دكتور.. و 3 خريجين تجارة، ومنهم 2 في أمريكا دلوقتي كمان”. 

وتابع: ” اتعلمت في الكُتاب ان الشركة اللي ناسها بتحب بعض ربنا بيكون معاها.. و لما ربنا بيكون معاك بيكرمك و بيفتحها في وشك.. أما الشركة اللي فيها زعل و خيانة، ربنا بيخرج منها و بيجي مكانه الشيطان.. أنا معرفش بقيت كده ازاي, مش شطارة مني و لا حاجة، هو ربنا اللي عمل كل ده”. 

 

العاملون في مجموعة العربي

وعن العاملين في شركته قال: “بشوف ان ليهم رزق هيجي عن طريقي ..عمري ما قولت حد شغال عندي, بقول شغال معايا دايما لأن ربنا اللي باعتهولي”. 

وقال: “في مرة قابلت الرئيس مبارك و قالي نفسك في ايه؟، قلت له نفسي كل سنة اشغل ألف شاب جديد, و فعلا كل سنة بقيت اشغل ألف شاب.. و بقيت مستغرب إن كل ما العدد يزيد .. كل ما الشغل يزيد و الرزق يكتر”. 

 

اترك تعليقا

اشترك الآن في نشرة تلسكات

أول نشرة إخبارية مسائية فى مصر تطلقها جريدة الاستثمار العربى تأتيكم قبل العاشرة يوميا من الأحد إلى الخميس